أفضل الذكر لا إله إلا الله
لأن أقول سبحان الله و الحمد لله ولا إله إلا الله و الله أكبر أحب إلي مما طلعت عليه الشمس
كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله و بحمده سبحان الله العظيم
اضغط هنا هم دقيقتان فقط



Monday, February 16, 2009

بدعة

من باب "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ "
أردت أن أطرح هذا الموضوع لكي نعرف ما معنى البدعة و لِمَ هي خطر و لكي أوضح عدة نقاط أخرى.

و لكن قبل أن نبدأ و نتحدث عن البدعة أريد أن أوضح بعض النقاط أولا
أولا: أن أمور الدين الخاصة بالعبادات و الأذكار و أحكامها لا يتم فيها إعمال العقل بل تؤخذ كما هي و الدليل على هذا هو كلام أمير المؤمنين على بن أبي طالب رضي الله عنه
"لو كان الدِّين بالرَّأي، لكان أسفلُ الخُفِّ أولى بالمسح من أعلاه، وقد رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يمسح أعلى الخُفِّ"
بمعني لواستعملنا العقل يكون المستساغ عقليا عندما نتوضأ أن نمسح أسفل الخف لأنه الجزء المتعرض للأرض و الاتساخ لكن ثبت عن الرسول عليه الصلاة و السلام مسح أعلى الخف و ليس أسفله
إذن لا يصلح في فتوى متعلقة بأمر من أمور الدين التعبدية أن أقول نُعْمِل العقل.
ثانيا:
يقول الله عز وجل "فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"
و طالما سألنا أهل العلم إذن لابد أن نرضى بحكمهم لأنهم بالتأكيد أكثر علما منا
و إذا أراد أي شخص أن يرد على فتوى أفتاها أحد العلماء في أمر من أمور الدين فلا يقول أنا رأيي كذا
لأن مع احترامي الشديد للجميع لا أنا ولا أنتم على علم كافي لكي نرد على العلماء
لكنمن يريد أن يرد يستشهد برد لأحد العلماء أيضا بمعنى لو نحن اختلفنا على فتوى بعينها نبحث ما رأي العلماء فيها من يؤيدها و من يعارضها و ما هي أدلة كل فريق و أيهم أقوى
لكن لا نقول أنا رأيي كذا و أنا أرى كذا
لأن من يتصدر للفتوى لابد أن يكون على علم كبير
لابد أن يكون ملماً بأحكام الشريعة في الأمور الفقهية و أحكام القياس و الاستنباط و الأحاديث النبوية من حيث الصحة و الضعف و الكذب و ما إلى ذلك
ثالثا : من يقول أن الدين ليس حكرا على أحد
أعترض بشدة
الدين ليس حكرا على أحد في العبادة لكن عندما نأتي للفتوى يصبح الدين حكرا على أشخاص بعينهم
هل يصلح أن نأخذ روشته الطبيب و نذهب بها للبقال و نسأله هل الدواء صحيح أم لا
بالتأكيد لا يصلح
لابد أن نسأل طبيبا مثله
لماذا إذن الطب حكرا على الأطباء
و الصيدلة على الصيادلة
و الزراعة على المزارعين
و الدين ليس حكرا و يتكلم فيه كل من يريد بغير علم
من يريد أن يناقش لابد أن يكون على نفس المستوى في العلم و إلا فلا يناقش


نأتي لموضوعنا الأساسي
ما هي البدعة؟

البدعة هي مالم يكن له دليل من الكتاب و السنة من الأشياء التي يُتَقَرَّبُ بها إلى الله.
البدعة هي التي تحدث في الدين و هي ليست منه, كأن يأتي بعبادة من العبادات ليس لها دليل من الشرع.
فكل من تعبد لله بشيء لم يشرعه الله أو بشيء لم يكن عليه النبي صلى الله عليه و سلم و خلفاؤه الراشدون فهو مبتدع.
أما الأمور العادية التي تتبع العادة و العرف فهذه لا تُسمى بدعة في الدين و ليست هي التي حذر منها الرسول صلى الله عليه و سلم

هل هناك بدعة سيئة و بدعة حسنة؟
ليس هناك بدعة حسنة أبدا, بل البدع كلها ضلالة كما قال النبي صلى الله عليه و سلم: "وكل بدعة ضلالة"
فالذي يزعم أن هناك بدعة حسنة يخالف قول الرسول صلى الله عليه و سلم: "فإن كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة" فالرسول عليه الصلاة و السلام لم يسثني من البدع شيئا بل قال "كل بدعة ضلالة"

إذن كيف يصح أنه "من سنَّ سنة حسنة فله أجرها و أجر من عمل بها"؟
بالنسبة لقوله صلى الله عليه و سلم: "من سنَّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها و أجر من عمل بها" رواه الإمام مسلم في صحيحه 705,2/704
فهو لا يدل على وجود بدعة حسنة لأن الرسول لم يقل من "ابتدع بدعة حسنة", و إنما قال "من سنَّ سنة حسنة" و السنة غير البدعة
فالسنة الحسنة هي التي توافق الشرع و هي إحدى ثلاث أشياء:
1- أن يبدأ الإنسان بالسنة أي يبدأ العمل بها
و هو سبب الحديث السابق"من سنَّ في الإسلام...." فقد جاء إلى النبي قوم و هم في حاجة و فاقة "فقر" فحث النبي صلى الله عليه و سلم على التصدق فجاء رجل من الأنصار بصُرَّة من فضة قد أثقلت يده فوضعها في حجر النبي فاقتدى به الناس و تتابعوا في تقديم الصدقات فقال النبي صلى الله عليه و سلم:
"من سنَّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها و أجر من عمل بها"
فهذا الرجل سنَّ سنة ابتداء العمل بأن كان أول من عمل بالسنة.
2- أن يفعل الإنسان سنة بعد تركها فيحيها فهنا يقال سنَّها أي أحياها و لكنه لم يشرعها من عنده.
3- أن يفعل الإنسان شيئا وسيلة لأمر مشروع كبناء المدارس و طبع الكتب فهذا من باب الحث على العلم الذي حثنا عليه ديننا و هو شيء لا يتم التعبد به بذاته

ما حكم البدعة و من يعمل بها؟
قال عليه الصلاة و السلام: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رِد" (صحيح البخاري ج3 ص 167)
و في رواية : "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رِد" (صحيح مسلم ج3 ص 1343,1344)
ما هي خطورة البدعة و لِمَ حذر الرسول صلى الله عليه و سلم منها؟
قال عليه الصلاة و السلام "و إياكم و محدثات الأمور, فإن كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة" رواه الإمام أحمد في مسنده, و رواه أبو داوود في سننه, و رواه الترمذي في سننه.


و البدعة أمر في غاية الخطورة لأنها تدخل على الدين ما ليس فيه حتى و لو كان الغرض منها خيرا
فمع مرور الأعوام يموت البشر الذين ابتدعوا البدع و يبقى العمل نفسه فيظن الناس أنه من أصل الدين

فمن ينظر للتاريخ مثلا يجد أن الشرك و عبادة الأصنام بدأت بأعمال الغرض منها كان خيرا
فمثلا الأصنام هذه كانت لأناس صالحين و بعد موتهم صنع الناس لهم التماثيل ليذكروهم بالتقوى و العمل الصالح و يكونوا لهم قدوة و مثلا و مع مرور الأعوام مات صناع هذه الأصنام و ماتت معهم حقيقة أنهم لم يكونوا يعبدوها و لكن كانوا يعبدون الله
و رسخ في أذهان ذرياتهم أنهم رأوا آباءهم يوقرون هذه التماثيل فظنوا أنهم يعبدونهم ليقربوهم من الله " مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى
" و هكذا بدأت عبادة الأصنام و توارثتها الأجيال "قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ"
و كذلك عبادة الأحجار بدأت بأن نفر من العرب كانوا يوقرون الكعبة لأنها بيت الله فابتدعوا بدعة و هي أن يأخذوا معهم أجزاء من أحجار الكعبة عند سفرهم ليتبركوا بها
و بنفس الطريقة هم ماتوا و توارثت ذريتهم العمل نفسه ظنا منهم أنه جزء من الدين يقربهم إلى الله


نأتي لآخر نقطة
انتشر في العديد من المنتديات موضوعات تسجيل الحضور بالصلاة على الرسول و تسجيل الخروج بكذا و كذا
و هذه المواضيع أفتى الكثير من علمائنا "عندما سئلوا عنها" بأنها بدعة ولا تجوز فقال البعض أن نلغي ارتباطها بوقت معين و هكذا تكون صحيحة و ليست بدعة
هذا الكلام غير صحيح
حتى و لو كان الغرض منه خيرا
لأن هذا نوع من أنواع الذكر الجماعي و هو بدعة
فمن الممكن أن تحدد لنفسك مثلا وقت معين في اليوم تذكر فيه الله أو تصلي فيه على الرسول تبعا لعملك و وقت فراغك و لكن هذا يكون لك وحدك و بمفردك
ولا يصح مثلا أن تأتي بأصحابك و تقول لهم هيا سأصلي على الرسول
صلى الله عليه و سلم الآن و أنتم تفعلون مثلي
لأن هذا بدعة
بالضبط مثلما أنه يصح أن تقول سأصلي ركعتين تطوع لله
لكنلا يصح أن تأتي بأصحابك و تقول سنصلي ركعتين تطوع جماعة لأنه من المعروف أن صلاة التطوع لا تُصلى في جماعة

لكن هل هناك دليل أن الذكر الجماعي هذا خطأ و بدعة؟
والدليل في ذلك هو حديث عمرو بن سلمة ..
عن عمرو بن سلمة : كنا نجلس على باب عبد الله بن مسعود قبل الغداة ، فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد ، فجاءنا أبو موسى الأشعري، فقال أَخَرَجَ إليكم أبو عبد الرحمن بعد ؟ قلنا : لا . فجلس معنا حتى خرج ، فلما خرج قمنا إليه جميعًا ، فقال له أبو موسى : يا أبا عبد الرحمن ، إني رأيت في المسجد آنفًا أمرًا أنكرته ، ولم أر - والحمد لله - إلا خيرًا. قال : فما هو ؟ فقال : إن عشت فستراه. قال : رأيت في المسجد قومًا حِلَقًا جلوسًا ينتظرون الصلاة ، في كل حلقة رجل ، وفي أيديهم حَصَى ، فيقول : كبروا مائة ، فيكبرون مائة ، فيقول : هللوا مائة ، فيهللون مائة ، ويقول : سبحوا مائة ، فيسبحون مائة .
قال : فماذا قلت لهم ؟ قال : ما قلت لهم شيئًا انتظار رأيك وانتظار أمرك .
قال : أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم ، وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم شيء ؟
ثم مضى ومضينا معه ، حتى أتى حلقة من تلك الحلق ، فوقف عليهم ، فقال : ما هذا الذي أراكم تصنعون ؟ قالوا : يا أبا عبد الرحمن ، حَصَى نعد به التكبير والتهليل والتسبيح .
قال : فعدّوا سيئاتكم ، فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء . ويحكم يا أمة محمد، ما أسرع هلكتكم ! هؤلاء صحابة نبيكم صلى الله عليه وسلم متوافرون ، وهذه ثيابه لم تبل ، وآنيته لم تكسر ، والذي نفسي بيده، إنكم لعلى ملَّة أهدى من ملَّة محمد ، أو مفتتحوا باب ضلالة. قالوا : والله يا أبا عبد الرحمن ، ما أردنا إلا الخير . قال : وكم من مريد للخير لن يصيبه .
إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حدثنا أن قومًا يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم.
وأيم الله ما أدري ، لعل أكثرهم منكم ، ثم تولى عنهم . فقال عمرو بن سلمة : رأينا عامة أولئك الحلق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج.
( أخرجه الدارمي وصححه الألباني)

إذن هؤلاء القوم لم تكن نيتهم سيئة بل أرادوا خيرا
و مع ذلك أنكر عبد الله بن عباس عليهم ذلك


أتمنى ألا أكون قد أثقلت عليكم
اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا
سبحان ربك رب العزة عما يصفون و سلام على المرسلين و الحمد لله رب العالمين

No comments: